النعيرية مدينة التعايش البغدادي
فادي كمال يوسف / عنكاوا كوم / بغداد
منطقة
النعيريه تعتبر من المناطق المميزة في تواجد شعبنا الكلداني الأشوري
السرياني فهي تعتبر حلقة وصل بين المكونات الرئيسية للمجتمع العراقي ,
فالنعيريه تحتضن المكونات العراقية المختلفة من شيعة و سنة و أأكراد و
أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني, منطقة النعيرية تعتبر امتدادا
لمنطقة بغداد الجديدة حيث تحدها المنطقة المذكورة من جهة الغرب أما من
الشرق فيحدها الخط السريع المعروف باسم ( قناة الجيش ) و من الشمال يحدها
الخط السريع (بغداد / كوت ) بينما تحدها من الجنوب منطقة ( الأمين الأولى
) ....
تعتبر النعيرية من المناطق المميزة في بغداد رغم حداثتها
حيث يعود تأسيسها الى ستينات القرن الماضي الأ انها جذبت الكثير من أبناء
شعبنا القادمين من مناطق بغداد القديمة كالـ ( البتاوين / المربعة / عقد
النصارى و غيرها ) حيث أشترى اغلبهم أراضي و شيدوا منازلهم عليها , هذا
إضافة إلى كونها من المناطق التجارية المهمة في بغداد حيث تتميز بوجود
شارعين كبيرين ممتلئان بالمحلات التجارية المختلفة و على الرغم من إن
المنطقة حديثة التكوين إلا أنها تميل بواقعها إلى المناطق الشعبية ...
إما
بالنسبة لأبناء شعبنا فهي تتميز بحضور فعال لهم في المنطقة بشكل يلفت
النظر , فالنعيرية تأتي بالمرتبة الرابعة من حيث التواجد ( الكلداني
السرياني الأشوري ) بعد مناطق ( المشتل / بغداد الجديدة / الامين الأولى )
, في المنطقة كنيستان الأولى هي كنيسة مريم العذراء ( كنيسة المشرق
الأشورية ) و الثانية هي كنيسة مار توما الكلدانية , عن كنيسة مار توما و
تاريخيها التقينا بالأب الدكتور سالم ساكا راعي الخورنة و الذي حدثنا قائلاً :
بدايةً
بعد التوسع الذي شهدته بغداد و الانتقال إلى المناطق الجديدة لم تكن معرفة
كثيرا كمنطقتنا ( النعيريه ) بدأت العوائل المسيحية بشراء أراضي و تشيد
بيوت و الانتقال تدريجيا إليها , و عندما أصبح عدد تلك العوائل كبير قررت
الرئاسة الكنسية عام 1964 تشيد كنيسة لخدمة أبنائها , فاشترت البطريركية
في البداية دار و خصصت غرفة واحدة من هذه الدار ( لمبنى الكنيسة ) و
الباقي لسكن الكاهن , و لضيق المكان تم شراء دار أخرى و تم إنشاء قاعة
كبيرة لكي تتسع للمؤمنين هذا العمل جرى بين عامي ( 1964 الى 1979 ) ...
كذلك
حصل توسع اخر بعد ذلك بسبب قدوم عدد اكبر من العوائل الى المنطقة من شمال
العراق و من مناطق بغداد القديمة كـ ( البتاوين / المربعة / عقد النصارى و
غيرها ) فتم شراء دار ثالث و شيدت الكنيسة بشكلها الحالي و تم بناء دار
للكاهن و قاعة و تم ذلك نهاية عام 1988 اما المركز الثقافي و الصفوف و
الملحقات الأخرى فتم الانتهاء منها عام 1993 ...
اما الكهنة الذين خدموا الكنيسة فهم ثلاث كهنة فالكنيسة ليست كنيسة قيمة كما ذكرت بل هي من الكنائس الحديثة العهد فقد خدمها :
1. الكاهن يوسف كجه جي توفي عام 1974 .
2. الأب داود بفرو ... من عام ( 1974 و الى عام 2001 ) و هو الأن في كندا .
3. الأب سالم ساكا .. من عام ( 2001 و الى يومنا هذا ) ..
س/ ما نشاطات الكنيسة اليوم ؟؟
إن نشاطات الكنيسة اليوم تتوزع إلى عدد من الفقرات و التي هي مستمرة إلى ألان و من أهمها :
1. لقاء الجامعيين ( أخوية يسوع الشاب ) و عدد الشباب فيها بين ( 60 / 70 ) شاب و شابة .
2. لقاء المرحلة الإعدادية ( أخوية رسول المشرق ) و عدد الشباب فيها أيضا من ( 60 / 70 ) شاب و شابة.
3. لقاء المرحلة المتوسطة ( أخوية ثمار الروح ) و عدد الشباب فيها ( 50 / 60 ) شاب و شابة .
4. أخوية قلب يسوع و عدد المنتمين لها حوالي ( 40 شخص ) نساء و رجال .
5. اما
التعليم المسيحي للأطفال فهو في المناسبات فقط ( بسبب الوضع الأمني و كذلك
بسبب احتياجنا لوسائط النقل و التي تكلف أموال نحن لا نستطيع تسديدها ) .
6. الجوقات لدينا جوقة كبار و صغار و جوقتنا هي من الجوقات المميزة في بغداد ولدينا أفضل العازفين و بمختلف الآلات .
7. خدمة
المعوقين ( جماعة المحبة و الفرح ) و التي تقوم برعاية المعوقين و
العاجزين و لدينا تقريباً 40 شخص مكرسين لخدمة هؤلاء المعاقين و المهشمين
و تقديم الخدمة لهم .
8. بيت الطفل يسوع و لدينا حوالي ( 25 / 30 ) طفل .
و
لكوني معاون لعميد كلية بابل الحبرية و كذلك لمعهد التثقيف المسيحي الخاص
بتطوير و تهيئة كوادر التعليم المسيحي , لذلك كنت أحث دائما أبنائنا و
مدرسينا على الانتماء إلى هذا المعهد لتطوير قدراتهم و تنمية معلوماتهم
بما يخدم مسيرة التعليم المسيحي في كنيستنا .
لذلك تجد إن كان
لدينا و إلى الأمس القريب أكثر من 40 مدرس و مدرسة تعليم مسيحي هم خرجي
هذا المعهد , و الآن نحن نعاني من نقص كبير في هذا المجال ... و هل سيعود
المعهد إلى بغداد مرة أخرى ؟؟؟ بالنسبة للمعهد كان لدينا اجتماع قبل فترة
و قررنا إعادة فتح المعهد مرة أخرى في بغداد و كذلك إقامة دورات مكثفة
لمدرسي و مدرسات التعليم المسيحي , أتوقع إن نشاطه سيعود مرة أخرى في
القريب العاجل .
كم عدد أبناء شعبنا اليوم في المنطقة ؟؟ و هل الهجرة مازالت تأكل من وجودهم ؟؟
الحقيقة
بالنسبة للكلدان كانوا إلى حد عام 2001 العام الذي استلمت فيه الرعية
حوالي (2500 عائلة ) و طبعا لا توجد إحصائيات دقيقة حول هذا الرقم أما
اليوم فلم يتبقى منهم سوى (1000 عائلة ) و طبعا هناك عدد كبير كذلك من
أبناء كنيسة المشرق الأشورية و لكن ليس لي معلومات عن العدد بالشكل الدقيق
.
إما بالنسبة للهجرة فأغلبية المنطقة هم من أبناء شعبنا الذين ينتمون
الى قرى الشمال و اليوم كما نشهد إعادة لأعمار تلك القرى ( كديربون ,
قرةوله , فيشخابور , ليفو و غيرها ) و بالتأكيد فأن أبنائنا سيتجهون نحو
تلك القرى , عوائل كثيرة رحلت و الأخرى تنتظر إكمال أعمار بيوتها و
أراضيها و سترحل هي الأخرى , إضافة إلى الهجرة المتزايدة ليوم إلى (
امريكا / نيوزيلاندا , اوستراليا ,اوربا و غيرها ) نعم منطقتنا تأكلها
الهجرة و تنخر في جسدها ...
س/ ككنيسة و كرعية مما تعانون من مشاكل اليوم ؟؟؟
مشاكل
الكنيسة هي كثيرة فأولا نحن نعاني من ضيق المكان فلا نملك ساح لعب للأطفال
و الشباب لا يوجد كراج في الكنيسة ... و بما ان الجماعة ليست من الجماعات
الغنية فوارد الكنيسة بالتالي ضعيف جدا فهو لا يغطي احتياجاتنا و خاصة في
ما يتعلق بالنقل ( نقل الطلاب ) و تقديم الهدايا التشجيعية لهم بالمناسبات
او للمحتاجين .. كذلك بالنسبة للعوائل التي في حاجة نحن نقف مكتوفي الأيدي
إمام عوزهم و فاقتهم فالكنيسة هي عاجزة و نحن نشعر إننا مكبلون بسلاسل
الضعف المادي ...
الأ توجد جهات داعمة للكنيسة ؟؟؟ و ما هي طموحاتكم للمستقبل ؟؟
لا
توجد أي جهة تدعم الكنيسة , أن رعية مار توما هي جزء من أبرشية بغداد و
راعي الأبرشية هو سيادة البطريرك , الواجب ان يقوم هو بدعم الكنائس
التابعة لأبرشيته و الاهتمام باحتياجاتها , و دعم نشاطاتها مادياً و
معنوياً , و الحقيقة لا يوجد أي دعم أو أي اهتمام حقيقي من البطريرك لا
مادياً و لا حتى معنوياً , و نحن اليوم في أمس الحاجة لهذا الدعم لنستطيع
الاستمرار بدفع عجلة التعليم المسيحي إلى الأمام و الذي اعتبره الواجب
الأساسي و الذي يجب على الكنيسة ان تقدمة لأبنائها و كذلك مساعدة
المحتاجين .
إما بالنسبة لطموحاتنا لنا طموحات كبيرة من اجل خلق نشاطات
تتسم بالتطور مع عقلية الإنسان المعاصر و في طليعتها الشباب حيث يحتاج
الشباب اليوم الى الكثير من الأشياء التي يجدها في مؤسسات كثيرة و لا
يجدها في الكنيسة ..
شكرنا الأب العزيز
سالم ساكا المحترم على المعلومات التي اغني بها موقعنا العزيز ,و نحن نضم
صوتنا الى صوته و الذي يبدو إن لم يكن صوته لوحدة بل صوت الكاهن الذي سبقه
كذلك و نطالب بأن يكون هناك حل للمشكلة المادية التي وجدنا إن هناك
كنيستان التقينا بكهنتها تعاني منها , لان التعليم المسيحي هو عصب الحياة
المسيحية و هو جوهر عمل الكنيسة و بلا التعليم المسيحي لا كنيسة حية ,
دعوة للمسئولين عن هذا الموضوع الاهتمام و لو قيد أنملة و التفكير بجدية و
العمل بمحبة و صدق و نزاهة لخدمة الجماعة في بغداد التي تحتاج للاهتمام و
الرعاية ..
تجولنا بعدها
بالمنطقة لنلتقي بالسيد بشار غانم ( 36 سنة ) ( إعمال حرة ) ... طلبنا منه
إن يحدثنا عن واقع النعيريه اليوم فأجاب قائلاً :
الحقيقة
المنطقة تعتبر من المناطق الآمنة في بغداد , الوضع جيد جداً , هناك تعايش
متميز بين مكونات الشعب العراقي الذي يعيش في المنطقة من ( مسلمين و
مسيحيين ) و هناك تعايش أخر بين أبناء شعبنا من مختلف الكنائس ( كاثوليك و
كنيسة المشرق ) فالجميل في منطقتنا ان الوحدة الحقيقية تتمثل بشكل عملي
فيها فهناك تزاوج و هناك قرابة و هناك تآخي حقيقي بين شطري كنيسة المشرق
العريقة , بل الأكثر من ذلك نجد الكثير من العاملين في الكنيستين هم من
أبناء الكنيسة الأخرى فتجد كلدان يعملون في كنيسة مريم العذراء و اشوريين
في كنيسة مار توما , و رعاة الكنيستين يفتحون ابوابهم للرعاية من الطرفين
الحقية هناك تعايش حقيقي و جميل .. انا سكنت عائلتنا المنطقة عام 1968 و
كانت المنطقة في حينها ذات أغلبية مسيحية و كنا كأننا نعيش في إحدى قرى
شمال العراق , اليوم الوضع تغير بالتأكيد الكثير هاجروا نصف سكان المنطقة
رحلوا عنها خاصة بعد 9/ نيسان .. الوضع اختلف كثيرا عما كان في الماضي و
لكن مازلنا كشعب عريق في المنطقة بعاداتنا و تقاليدنا , اما بالنسبة
للتهجير المنطقة لم تشهد تهجير و لكنها استقبلت إعداد كبيرة من العوائل
المهجرة و قد هب سكان المنطقة بالتعاون مع ادارة الكنيستين و كذلك بمشاركة
إخواننا المسلمين لخدمة جميع من هجروا و توفير لهم مكان للسكن و إعمال لمن
فقد عمله و مساعدتهم بما نستطيع ...
أما الشاب ستيفان انترانيك مواليد ( 1986 ) كاسب .. فيقول :
اليوم
مشاكلنا كشباب من نوع أخر فمثلا إنا خاطب حديثاً و عن حب 7 سنوات , و إنا
أعيش هنا في النعيرية و خطيبتي في الشمال فقد هاجرت عائلتها الى هناك
نتيجة للوضع الأمني السيئ في بغداد , و مشكلتي تلخص في صعوبة الاتصال أولا
بها فهذا يكلفني مبالغ طائلة , إضافة الى صعوبة اللقاء فأنا اذهب لهم كل
عطلة صيفية و بالأكيد عم لا يأتون خوفا من الوضع الأمني و هذا يكلف
ميزانيتي الكثير , يمكن إن هذه الظاهرة بدأت تظهر مؤخراً على المجتمع
البغدادي فالخطيب في مكان و الخطيبة في مكان أخر و هذا بالتأكيد وضع غير
طبيعي لعلاقة خطوبة صحيحة و صحية , إما عن طموحاتي فأنا بعد الزواج سأسافر
الى الخارج و لن أبقى في بغداد لان الوضع هنا لا يمثل وضع مناسباً لتأسيس
عائلة بشكل صحيح لذلك قررنا انا و خطيبتي السفر بعد الزواج لإكمال حياتنا
في خارج العراق ...
كذلك تحدثنا الى السيد ابو نابليون ( صاحب محل للخياطة ) عن وضع المنطقة فأجابنا :
الحقيقة
الوضع جيد و نحن كأصحاب محلات فأبوابنا مفتوحة إمام الزبائن إلى ساعة
متأخرة من الليل لان المنطقة أمنة نوعا ما , لكن باقي بغداد خطر لذلك انا
لا أؤمن على ولدي عند تنقله من منطقة إلى أخرى فكما تعلم الأنفجارات و
الوضع الأمني السيئ لازالت موجودة , بالنسبة لحريتنا كمسيحيين هنا في
منطقة النعيرية فالأحوال جيدة نذهب الى الكنيسة نمارس طقوسنا لا يوجد أي
تأثير سلبي على حياتنا هنا , بالنسبة للخياطة لم تعد كما كانت فهناك
الملابس الجاهزة التي بدأت تطغي على السوق وبأسعار نوعا ما ارخص , لذلك
فأن مهنتنا في ايامها الأخيرة على ما اضن ... و شكرا لكم .
الحقيقة
شكرت كل من ساعدنا في إعداد هذا التقرير و اخص بالذكر الأب الفاضل سالم
ساكا المحترم و الذي فتح أبواب كنيسته إمامنا و ساعدنا كثيراً في الوصول
الى العديد ممن التقينا , و أخيرا نتمنى أن ينال الموضوع رضى قرأنا
الأعزاء و خاصة من كان او من لا يزال يسكن منطقة النعيرية العريقة .. و
عسى ان نكون موفقين في نقل صورة حقيقية و صادقة عن النعيرية التي تمثل بحق
نموذج للتعايش الحقيقي في بغداد ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]