أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

عزيزي الزائر الكريم ... انت لم تقم بتسجيل دخول بعد ، انقر على الدخول..
او على التسجيل ان لم تكن بعد مسجل كعضو في منتديات ارادن وكل صبنا

أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أرادن وكل صبنا :: Araden and all Sapna

أهلا وسهلا بكم

اهلا وسهلا بكم في منتديات أرادن وكل صبنا 

    ندوة الكتاب المقدس/ سلسلة قصص لوط

    مركريت قلب يسوع
    مركريت قلب يسوع
    VIP
    VIP


    انثى عدد الرسائل : 710
    العمر : 75
    تاريخ التسجيل : 20/02/2008

    ندوة الكتاب المقدس/ سلسلة قصص لوط Empty ندوة الكتاب المقدس/ سلسلة قصص لوط

    مُساهمة من طرف مركريت قلب يسوع الخميس سبتمبر 16, 2010 11:10 pm

    الندوة الكتابية
    الخميس 12 / 8 / 2010
    تقديم المطران بشار متي وردة
    سلسلة قصص لوط
    رأينا كيف أن الله تدخّل لحماية الوعد من خلال رعايته لساراي "حاملة وأم إبن الوعد"، ولم يتركها ضحيّة ما بين رغبة أبرام في الحفاظ على حياته، ورغبة فرعون في إمتلاكها. ولكن لربما يسأل المُستمع: لماذا يُعاقب الله فرعون وحاشيته في حين أن الذي أخطأ هو أبرام؟ كيف يُمكن لعدالة الله أن تُسيء إلى مَن لم يخطأ وتترك أبرام الذي ورّطَ بفعلته الآخرين؟ فالرابح الوحيد من هذه الحادثة هو أبرام على الرغم من الخديعة! فهل هذا ممكن في فكرِ الله؟
    هنا أودُّ أن أعود إلى الوعد الأول "... ويتبارك بك جميع عشائر الأرض" (تك 12: 3) فهذه تؤكّد على أن تصرّف أبرام (وشعبه ونحن من بعدهم) سيكون له عواقب، فإذا أحسنوا في سلوكهم كانوا مبعتث بركةٍ للعالم، وأن أساؤوا التصرّف جلبوا اللعنة على الأرض. فعلى أبرام (وعلينا نحن أيضاً) أن نعي مسؤوليتنا على العلم كلّه. وأبرامُ تعلّمَ الدرس جيّداً فمن الآن وصاعداً عليه أن يعرّف كيف يتصرّف ويُقدّر ما وُعِدَ به. فساراي ليست مُلكه، مثلما أن الوعد ليس له، فلا يجوز أن يتصرّف وكأن مُلكية الأرض والناس هي عائدة له. ولن يُفكّر بنفسه وحمايتها فحسب، بل سيرى الآخر ويرعاه مثلما يُريد أن يرعى نفسه. والأهم من ذلك أنه قَبِلَ ساراي زوجةً له لا جارية.
    وهناك جانب آخر في القصة علينا أن ننتبه إليه، فالقصة تبدأ بالوعد، وهنا يسأل الجميع: هل سيبقى أبرام مُصدقاً للوعد حتى النهاية؟ من الواضح أن الجواب سيكون: لا. والسؤال الذي يتبعه: هل سيبقى الله أميناً للوعد على الرغم من إخفاقات أبرام؟ بالتأكيد: نعم سيبقى. بولس يُؤكد هذه الحقيقة لمّا يكتب إلى كنيسة كورنثس: "لأن يسوع المسيح آبن الله آلذي بشّرنا به بينكم، أنا وسلوانس وتيموثاوس، ما كان نعم ولا، بل كلُّه. فهو "النَّعمُ" لكُلَّ وُعود الله. لذلك نَقولُ "آمين" بالمسيح يسوع إكراماً لمجدِ الله (2 كور 1: 19- 20). ونعمُ الله لن تتبدّل ولن تتأثّر بـ"لا" الإنسان، ولله طُريقه في إبداع الوعد بعيداً عن قرارت أبرام أو سُلطة فرعون.
    أبرام ولوط (13: 1- 18)
    كان السؤال الأول الذي خالجَ فكرَ أبرام: هل الأرض الموعود بها أرضٌ خصبة ويُمكن أن نثق بها أنا وعائلتي؟ وأتى الجوابُ: عليكَ يا أبرام أن تكون مؤمناً بالله وتقول له الـ "نعم" الأمينة، وستعيش من خصوبة الرض أنتَ ونسلُكَ. ويأتي السؤال الثاني: هل أن الأرض تكفي للجميع؟ كيف سنُدبّر أنفسنا على هذه الأرض؟ هنا تأتي قصة إفتراق أبرام عن إبن أخيه لوط لتُعطينا الجواب على ذلك؛ وفيه يظهر كيف أن أبرام بدأ يتعلّم طريق الإيمان بالله وأنه غير أبرام الذي ضحى بزوجته من أجل إنقاذ نفسه.
    لكل من أبرام ولوط ماشيةٌ كبيرة، وهذا يعني أن لوط بدأ يتخلّى عن حماية عمّه، فأصبح أكثرَ إستقلاليةً مما كان عليه قبل نزوله من مصرَ وصعوده منها. ولكن هناك مُشكلة في الغنى الذي جلبهُ الأخوان أبرام ولوط من مصر! هذا الغنى سيكون سببَ مشاكل كثيرة تترك آثارها على علاقة الأخوين، فيكون سُكناهما معاً مُستحيلاً. إذ بدأت ماشيةُ أبرام ولوط تكبر، وصارت الحاجة إلى مزيدٍ من الماء والخضرة والأرض، فحدثت صراعاتٌ بين الرعاة، ولربما سينعكس ذلك على أبناء العائلة الواحدة.
    في مواجهة ذلك قام أبرام، وقد تعلّم كيف يثق بالله بعد حادثة مصر بالتدخل الإيجابي، ويعيش الوعدَ مؤمناً ليكون مبعثَ حياة مُباركة له ولأخيه، لقد صارَ غنياً بالله الذي دعاه وأمنَّ له الطريق وحماه في ورطتهِ فأعادَ إليه شريكةَ الحياة سالمةٍ. وتعلّم المعنى الحقيقي للغنى الذي لا يعني أن يملكَ الإنسان أكثر، بل أن يكون له القُدرة على العطاء أكثر. فالغني ليس مَن يملك بل مَن يُعطي لأنه عارفٌ أنه له مصدراً لا ينبض. أما البخيل فمهما مَلَكَ فيبقى فقيراً كونه يشعر أن ما يملكه سيفقده عندما يُعطيعه. لذا فهو قادرٌ على أن يقول: "لا تكن خصومةٌ بيني وبينكَ، ولا بينَ رُعاتي ورُعاتُكَ، فنحنُ رجلان أخوان. الأرضُ كلّها بين يديكَ، فأنفصل عني. تذهبُ إلى الشمال فأذهبُ إلى اليمين، أو إلى اليمين فأذهبُ إلى الشمال(8-9).
    من الواضح أن "إشتهاء مُلكِ الآخرين" رغبةٌ موجودة في نفوس رُعاة أبرام ولوط، ولكن من الواضح أن مثل هذه التجربة لم تواجه أبرام: الأرضُ كلّها بين يديكَ. يُدرِك أبرام الآن أن العطية ليست لتُستملّك، بل لتُتقاسم. ثم يبدو أنه لا يهتمّ بنفسه أو بالغد، فالغدُ سيهتم بنفسه، ولكل يومٍ من المتعب ما يكفيه (متى 6: 34). ما يهمُ أبرام هنا هو أن البحثُ عن برِّ الله مؤمناً بوعده، ولا يهمهُ أمر الطعام والشراب مثلما كان في حادثة النزول إلى مصر. لذا، لا يختار أبرام لنفسه الأرض هذه المرّة، بل يترك الخيار لله ليختار له أيُ أرض أعدّها له، بخلاف لوط الذي رأى وأختار لنفسه.
    لذا، وإنطلاقاً من هذا الإيمان يعود الرب ليؤكدَ لأبرام بعدما فارقه لوط: "أرفع عينيكَ وآنظر من الموضعِ الذي أنتَ فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، فهذه الأرضُ كُلّها أهبها لك ولنسلك إلى الأبد ... قُم آمشِ في الأرضِ طولاً وعرضاً، لأني لكَ أهبها" (14- 17). وهذا ما لم يتوقّعه أبرام، ولم يكن في الحُسبان وهو يُقدم مُغامراً الأرضَ لأبنِ أخيه لوط، وعدُ الله ونداءه هو خارج إنتظاراتنا. نحنُ مثل أبرام نحمل الإيمان ونُكران الجميل، الثقة والشك، المحبة والغضب، ولكن في كلا الحالتين كلمة الله تعمل فينا، وهذا ما يُريد أن يؤكد عليه المؤمن المُلهم: الله أمينٌ في وعده على الرغم من تكبّرنا وأكاذيبنا وشكّنا وخطايانا. القرارُ لنا: أن نؤمن أم أن نتراجع؟ ولكن ما يجب أن نتذكّره هو أن الله عازمٌ على تحقيق وعده. وهذا ما يُؤكده أبرام لنفسه ولشعبه فضربَ خيمتهُ في حبرون وبنى مذبحاً للرب.
    علينا أن لا ننسى أن هذه الحادثة تُعد تعمّقاً آخر في دعوة أبرام إذ يفقد الآن إبن الأخ ليبقَ وحيداً، وهذا تركٌ وتخلٍ آخر عليه أن يُقدِمَ عليه. حضور لوط إلى جانبه عوّضه عن عقرِ ساراي فلوط سيكون الوريث، أما الآن فإنقطعَ آخر الآمال المرجوّة في نسلِ يحمل إسم أبرام. فيجدَ أبرام نفسه وحيداً على أرض الأعداء، إلا أنه ينال وعداً مُؤكداً الوعدَ السابق، لا بل نسلاً منه عوضَ فراق لوط له.
    قبل أن نترك هذه القصة أود التوقف عند عبارة: "نحن رجلان أخوانِ" (13: Cool. فقبل النزول إلى مصر طلب أبرام من ساراي أن تكون أخته، ومفهوم الأخوة تضمنَ إمكانية أن يُضحي الأخ (أو الأخت) بحياته وهويته ووجوده ليعيش هو يهنأ. أما الآن فهو مُستعدٌ ليضعَ راحة الأخ وسعادته قبل سعادته وراحته الشخصية. إذن الأخوّة موقف وإلتزام مسؤول يضع حاجة القريب أولاً، ثم يسعى للحفاظ على حياته، فيعيش مهمّة "حراسة" الأخ وضمان سلامة حياته. حراسة ستتواصل حتى لو قرر الأخ الإنفصال عنه، فستبقى عيون أبرام ساهرة على سلامته أينما كان في أخوّةٍ تتجاوز المكان والزمان والمواقف. بدأ أبرام يشعر بمسؤولية كونهُ مُباركاً ليكون بركةً، ويُبرهن في ذات الوقت أنه "مدينة منيعةٌ" (أم 18: 19).
    أما لوط فأختار الأرضَ التي تضمنُ له إستمرارية الغنى المُكتسَب من مصر حتى ولو على حسابَ علاقة الأخوة مع أبرام، والسُكنى بجانب الخاطئين، ما يهمّه الآن هو أن يبقىَ غنياً. لذلك تراه يرفع عينيه ويرى فقط، يرى ما هو فاتن وجميلُ، كأرضِ مصرَ، أما أبرام فالأمر يختلفُ جداً، عليه أن يرى الأرض ويجتازها ماشياً: قُمِ آمشِ ...، فالنظر وحده خطوة غير كافية ليُقرر الإنسان أختيارٍ ما.
    أبرام يُنقذ لوط من الأسر (تك 14 1- 16)
    نأتي الآن إلى فصلٍ أُقحِمَ بغرابة في مجموعة القصص هذه. يبدو أنه موجودٌ كتواصلٍ لقصص لوط وتمهيداً لغزوةِ أبرام ومعاهدته مع ملكيصادق، الملك والكاهن، ملك ساليم (أورشاليم).
    تحالفَ أربعةُ ملوك لمعاقبة خمسة ملوكٍ آخرين تمرّدوا عليهم فرفضوا وإرسال الهبات العينية لهم بعد إثنا عشر سنة من خضوع تام، علماً أنهم عاقبوا أربعة شعوب أخرى قبل معاقبة الملوكِ الخمسة. أسماء الملوك لا يُمكن تأكيدها من المصادر التاريخية خارج الكتاب المُقدس، لذا نبقى ضمن موضوع الغزوات التي أعتادَ الملوك آنذاك على ممارسة هذه الظاهرة. وهكذا إنتهت الغزوة بإنتصار كبير للتحالف الرباعي وقد استولوا على الكثير من الغنائم، والغنيمة الأهم بالنسبة لنا هي: لوط إبنُ أخي أبرام.
    قام أبرام بجمع 318 رجلاً وباغتَ جيوش الملوك الأربعة وحقق إنتصاراً لم يتمكّن خمسة ملوك من تحقيقهِ، فيُعيد لوط والثروة كلّها. أربعةُ ملوكٍ (أقطارُ الأرض الأربعة) هزموا خمسة ملوكٍ تحالفوا فيما بينهم مُتمردين، ولكن الجميع لم يقوا على أبرام المؤمن بالله. لنا أن نقرأ في الخبر تعليماً للشعب الذي يستمعُ إلى القصة ويعرف أن التحالفات السياسية والعسكرية التي اقدَمَ عليها الملوك ما بعد داود وسليمان لم تُجدي نفعاً، لأن الملوك لم يُؤمنوا بالله بل بالقوّة العسكرية: الرجال والخيل والمركبات: "إن لم تؤمنوا لن تأمنوا" هذا ما صرخَ به إشعيا الذي كان يرى سوء إدارة ملوك يهوذا وإسرائيل لدفة الحُكم.
    أعترفَ ملكيصادق (ملكي بارٌ، أو ملكي صادي) أحد ملوك الكنعانيين بإنتصارَ أبرام هذا، فباركَ "الله العلي" لما تحقق على يده؛ فيستقبلهُ بالخبزِ والخمر وهو إستقبال ملوكي. أبرام ليس ضيفاً عادياً ليُستقبَل بالخبزِ والماء، بل ملكُ وملكٌ جبّار. أعطى أبرامُ العُشرَ مُعترفاً بالبركة التي قُدّمت له، ليُعطي في الوقت ذاته أسساً تاريخياً لنظام العُشر الذي سيتم إتّباعه لاحقاً في الهيكل.
    ما يُثير إنتباهنا هنا، أن ملكيصادق، وكونه ملكٌ كنعاني يعترفُ بمُباركة "الله العلي" لأبرام، مُباركةٌ وافرة فقدَ باركهُ فأعطاءه الصحة والسلامة والعمرَ، وباركهُ أيضاً إذ خلّصهُ من أعدائه، لا بل جعلهُ منتصراً. هو يؤمن أن "الله العلي" هو مع هذا الإنسان بسبب عظمة النصر الذي حققه. ولكن أبرام له علاقة شخصية مع "الله العلي" فهو "الربُ الإله العلي" (14: 22). فالأمم تؤمن به "قوّة جبّارة" أما أبرام وشعبه فيعرفونه، هو "الربُّ" ولهم معه عهدٌ. وهذا ما سيُعيده بولس في أثينا عندما يقف وسط المجلس ليُبشّرهم بالإله المجهول الذي نصبوا مذبحاً من دون أن يعرفوه (أع 17: 22- 31).
    ولكنه يواجه تجربةً أخرى من ملك سدوم: "أعطيني القومَ، وخُذ الثروة لك".
    فيردُ أبرام: "أرفعُ يديَّ وأحلفُ بالربِ الإله العليِّ، خالقِ السموات والأرض، أن لا آخذَ خيطاً ولا رباطَ نعلِ من جميعِ ما لكَ لئلا تقول: أنا أغنيتُ أبرامَ" (14: 23). قدّمَ أبرام نفسه قاضياً وقائداً لشعبه، يهتمُ بهم ويرعاهم، وأكثر من ذلك حكيماً قوياً وقوّته تكمن في قُدرته على تحويل العدو إلى صديق، فلقد إستطاع إستمالة قلب ملك سدوم، مع أنهم أُناسٌ أشرار خاطئين جداً أمام الربّ (14: 13)، وجعلهُ إلى جانبه عبر الآمان الذي قدّمه له، " لا آخذَ خيطاً ولا رباطَ نعلِ من جميعِ ما لكَ" مع أن قانون الحربِ يسمح له بذلك.
    تعلّم أبرام درساً قاسياً من نزوله إلى مصر ومواجهة فرعون؛ الله هو الذي يُغني. أبرام يتذكّر أنه له مع الله عهداً، وهذا العهد سيكون برنامجاً حياتياً وإعتمتده سيكون دوماً على الله لا على قواه وذكائه، ولا على إنتصارٍ عسكري أو آليات سياسية، وإذا ما إنتصرَ أو تقوّى فلن يدع لمشاعر الجشع أو الطمع أو الغضب أن تتغلّب عليه، بل يبقى يزن الأمور بتعقّلٍ وإعتدال.

    الربُّ يُجدد الوعدَ ويُثبّتهُ (تك 15)
    يُعد هذا الفصل من أهم فصول قصة أبرام إذ يحمل في طيّاته أقدم البيانات الإيمانية الإبراهيمية إن صحَّ لنا التعبير. بدء أبرام وساراي رحلة خروجٍ من عُقمٍ مُتكلين على وعدِ الله (تك 12: 1)، ووصلا إلى مرحلة مُتقدمة من الرحلة وما يزال خطر العُقمِ يتحدّاهما، ويُقلق مسيرة حياتهما ويُير تساؤولات واقعية: لمَن كل هذه الثروة والجاه؟ مَن سيخلفَ الأب الكبير ويحمل إسمه؟ هل يُريد الله أن نحمل "عُقمنا" معنا في هذه المسيرة؟ كيف لنا أن نفهم وعدَّ الله لنا، وكل الأحداث تسير عكس ما يقول؟ هي أزمة إيمان! فهل سيتغلّب أبرام في مثل هذه المواجهة؟ هل سيتمكّن أبرام من تجاوز هذا الظُلمة التي يعيشها؟
    بادرَ الربُّ نحو أبرامُ برؤية، بكشفٍ وتعليم يُفاجأ الواقع قائلاً: "لا تخف يا أبرامُ. أنا تُرسٌ لك، وأجرُكَ عظيمٌ جداً". قدّم الربُّ نفسه أمام أبرام كما يتقدّم التُرسَ المُحارب ليحميه من ضربات الأعداء، وأكثر من ذلك يدفع الأعداء عنّه، فالتُرس أداة حربٍ وحماية. يُجدد الربُّ الوعد الأول ويُثبّتهُ، الله الذي يعدُ هو الذي يجعل أمر تحقيق هذا الوعدِ ممكناً، على الرغم من أنه لم يُقدّم ما هو جديد ليُهدأ من مخاوفِ أبرام.
    هنا نسأل لما يخاف أبرام بعد كل الرعاية التي اختبرها من الربَّ؟ ما سبب ضيق أبرام، ومما هو قلقٌ؟ فيأتي جوابُ أبرام على شكلٍ إحتجاج: يا ربُّ ليس لي مُستقبلٌ على هذه الأرض، فماذا أفعلُ بالثرورة أو الغنى؟ هوذا قيّمُ البيت سيرثهُ.
    لقدّ فكّر أبرام ملياً بكل ما صارَ له وما أختبره من أحداث. لقد عَرِفَ أنه غامرَ لم تركَ أرضهُ وعشيرته وبيتَ أبيه ليبقَ غريباً في هذه الأرضَ، ويستحيل في الظروف التي يعيشها أن يكون له نسلٌ وخلفٌ إن لم يتدبّر الأمرَ بنفسه. الخوف هو خوف من مُستقبلٍ صارَ واضحاً أنه سائرٌ نحو الفناء، ليس لإسمه من ذكرٍ بعد الممات. تأكّدَ أبرام ان كل ما ناله سيكون الأفضل في الظرف المُعطى له: جاه وغنى وعبيدٌ وإماء، وسمعةٌ طيبّة بين القبائل. لقد تجاوزَ عمره الثمانين سنة، وفيه أكثر من ثمانين هاجسٍ أو سؤال حول وعد الله الذي لا يمتلك إمكانياتٍ قويّة. له عبيدٌ وإماء كُثر ولكنهم ليسوا بأي حالٍ علامة لمُستقبل خصب.
    فيجيب الله أبرام بوعدٍ مُثبّت مؤكداً لأبرام: لن يرثكَ هذا، بل مَن يخرجُ من أحشائكَ هو يرثُكَ؛ ويُعطي الرب علامة مرئية لأبرام: نسلُكَ يكون بعدد الكواكب إن تمكّنتَ من إحصائها. فآمن أبرامُ، وحُسِبَ له ذلك برّاً. يُثبّتُ الربَّ إيمان أبرام، فالوارثُ ليس إبناً بالتبني بل: "من أحشائِكَ"، هنا يحسمُ الله شكوكَ أبرام. يُصغي ابرام لكلمة الله ويُكمل المشوار ومؤمناً مع أنه لم ينلَ إلا علامة لمّا سيكون، ولكنه يبدأ يعيش وكأن الأمر صار حقيقة؛ وهذا هو معنى الرجاء. فالإيمان الذي يُدعى إليه أبرام ليس إيمانياً مُسالماً وآمناً، بل طريقٌ يتطلّب جُهداً وجهاداً من الإنسان الفاعل. الإنسان الذي لن يكون نكرة بل عليه أن يحمل حريّته في مواجهة الله. الله يطلب من آدم الطاعة وها هو يطلب من الإيمان.
    ولكي يُبّتَ الله الأمر لأبرام يسأله أن يُهيأ عجلاً ليقطعَ معهُ عهداً. فيأخذ الحيوانات ويشطرها إلى نصفين، ويُبعِد عنها علامات الشؤوم (الجوارح). كانت هذه عادة مألوفة لدى الفرقاء وهم يقطعون العهود فيما بينهم، مؤكدين على أن مصيرهم سيكون مصير هذه الحيوانات المشطورة إن خالفوا العهود المُبرمة. ونلحظَ أن أن الله هو الذي يُبادر فيسير بين الحيوانات، قبل أن يفعل أبرام.
    لنا هنا إذن: وعد الله الأساسي 15: 1
    إحتجاجٌ من أبرام 15: 2- 3
    جواب الله 15: 4- 5
    قبول أبرام 15: 6
    تأكيد الله لوعده 15: 7- 21
    يطلب الله من أبرام أن يُؤمن، وسيُكافأ لأنه سيؤمن، بل لأن الله وعده، وهو يعيش وفقَ وعدِ الله له. فالمكافأة ليست مُستقبلية، بل حاضرٌ نعمة موهوب من الله، الذي يختبره المؤمن في حياتهِ حضور بركة. تماماً مثل تطويبات يسوع التي لا تتحدّث عن مُستقبلِ ننتظره، بل حاضرٌ نترجّاه، نعيشهُ. بالطبع نلحظ أن هناكَ اختلافاً ما بين موقف أبرام الأول: الإحتجاج، وما بين موقفهِ الثاني: الإيمان. هذا الإيمان لم يكن بسبب شعور أبرام بقوّة جديدة تخترقُ عظامه، ولم يلاحظ علاماتِ حسّية من ساراي، بالتأكيد هذا الإيمان مؤسساً على دمٍ ولحم، بل لأن أبرام سمحَ لله بأن يكون الصوتَ (النداء، الدعوة) التي سيُؤسس عليها حياتهُ كلّها. إيمان أبرام ليس إيماناً بمُعتقداتٍ نظرية، بل توبة ليقرأ علاماتٍ من صاحب الوعد الموثوق به، فكثرة الكواكب علامة على قوّة الله في حياته. لقد وُهِبَ أبرام قُدرة التمييز. هناك مُستقبلٌ جديدٌ وسيُولد من عُقمِ الحاضر.
    آمن أبرام بأن الله قادرٌ على إختراق هذا الحاضِر العقيم نحو مُسقبل خصِب. آمن أبرام بتكوين أصيل؛ وهذا الإيمان ليس إنجازاً شخصياً أو قراراً أخقياً، بل كشفٌ: "كانت كلمةُ الربِّ إلى أبرام في الرؤيا" (15: 1)، وأبرام يقبل هذا الكشف ويعيشهُ، وهذا ما حسُنَ أمام الله، "فآمنَ بالربِّ، فحُسِبَ له ذلك بّراً" 15: 6).
    يُعلن هذا النص ما معنى أن تكون خليقة الله؟ ما معنى أن تكون إنساناً؟ فأن تكون إنساناً يعني أن تكون باراً، يعني أن نثق بمُستقبل الله وأن نعيش مؤمنين وآمنين بهذا المُستقبل من عمق الحاضر. أن تُمسكَ بالحاضر من نقطة المُسقبلَ، وأن تُسيّر هذا الحاضر نحو المُسقبل الذي يُريده الله، فالله هو المُبادر، وإيماننا ليس مُحفزاً لمُبادرة الله، بل جواب لمبادرته؛ لنعمته. وهذه لن تكون عبر تصديق أو إعلان إيمان يتيم، بل مسيرة حياة طويلة لها إخفاقاتها وصعوباتها، ولله مشيئة وربّما تأخير، ولكن على الإنسان أن يتعلّم "أن يؤمن"، لأن وعد الله أكيدٌ: "إن أبطأت فآنتظرها فإنها ستأتي إتياناً ولا تتأخّر" (حبقوق 2: 3). نحن إذن أمام "لاهوت الإبطاء"، وعلى الإن

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 3:07 pm